- مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدِّراسات العربيَّة يدعو إلى فتح آفاق التَّبادل العلمي بين السَّلطنة وجزر القمر
- إشادة بدور جامعة نزوى في إحياء الأيَّام الثَّقافيَّة العُمانيّة القمريَّة
- مدير معهد التَّأسيس بالجامعة: القمريُّون ينظرون إلى العُمانيِّين بأنّهم امتدادٌ تاريخيٌّ وحضاريٌّ لهم
متابعة- مكتب الإعلام بالجامعة
من جزر القمر-محمد بن سليمان الحضرمي:
أُسدل السِّتار صباح أمس في مقرّ البرلمان الاتّحادي بمدينة موروني عاصمة جزر القمر، على الأيَّام الثَّقافيَّة العُمانيَّة القمريَّة، والَّتي نظمت من قبل مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدّراسات العربيَّة في جامعة نزوى، ومكتبة النَّدوة الأهليَّة ببهلا، وبيت الغشّام بمسقط، بعد أسبوعين من الفعاليّات، تضمّنت قراءات لنصوص شعريَّةٍ وسرديَّةٍ ومحاضراتٍ فكريَّةٍ وعلميَّة، بمشاركة نخبةٍ من المثقَّفين والباحثين والكتَّاب والإعلاميّين من كلا الدّولتين. رعى الحفل معالي محمَّد إسماعيل وزير التَّعليم العالي والبحث العلمي والثّقافة، والَّذي ألقى كلمةً تحدَّث فيها عن أهميّة التَّواصل بين البلدين وتبادل العلاقات والخبرات، كما تحدّث بالقول: علينا كمسؤولين أن نمهِّد الطَّريق لكلِّ عملٍ ثقافيٍّ وتعليميٍّ واقتصاديٍّ من شأنه أن يعزِّز العلاقة. وأضاف أيضًا: إنّ جزر القمر احتفت حكومةً وشعبًا بهذه الأيام، ليقينها بأهميَّتها، وأنَّها ستمثّل حلقة وصل مشتركةً بين كلا الجانبين، وعلينا أن نواصل إقامة مثل هذه الفعاليَّات؛ لما للعُمانيّين من أصولٍ تاريخيَّةٍ وانتماءٍ بأهالي المجتمع القمري.
بذرةٌ عُ
مانيّةٌ في غابات الجُزر
كما ألقى الباحث خميس بن راشد العدوي كلمةً ختاميَّةً -نيابةً عن الوفد العُماني-، قال فيها: إنّ الإنسان الّذي خرج من الشّرق الأفريقي منتشرًا في أصقاع الأرض، ومنطلقًا من محطّته الأولى، وهي عُمان منذ فجر التّاريخ، لم يتنكر لأصله الوجودي، بل سرعان ما تردَّد على هذا الشَّرق، لينسج بحركة "نوله" على "ماشوَّة" البحار الخالدة؛ الدّشداشة والكمَّة والبشت والجوخ، الَّتي أصبحت سمة الإنسان في عُمان وجزر القمر، وإنّ الأيَّام الثقافية العُمانية القَمَرية، الَّتي تصرّمت أيّامها سراعًا، ليست إلا خيطًا ذهبيًّا، حيك في دشداشتنا الحضاريَّة، لبسناها في سلطنة عُمان، فأبيتم يا أهل جزر القَمَر إلا توشيتها بخيوط المحبَّة الحريريَّة، وتزينها برسمة الكرم القشيبة. وأضاف: لقد انقضت هذه الأيّام، وأتت أكلَها الطَّيب، بما يفوق ما كنَّا نتصوُّره، وما ذلك إلا لأنّ أهلنا في جزر القَمَر؛ من لدن فخامة الرَّئيس الدُّكتور إكليل ظنين، حتَّى كافّة الشّعب القَمَري، مرورًا بأصحاب المعالي الموقرين: نائب رئيس الجمهورية، ورئيس البرلمان، والوزراء وحكّام الجزر الثّلاث، وسلكهم الوظيفي، والمثقفين والمفكرين، قد رعوا هذه الأيام بقلوبهم، ولحظوها بمهجهم، وأمدوها بعقولهم، ودفعوا بها إلى النجاح بأيديهم المباركة. فلكلِّ هؤلاء نقدّم شكرنا الخالص وافرًا غير منقوص، ومودَّتنا الصَّادقة الَّتي نعاهد الله بأن لا تفتر. وأضاف: إنّنا نحسب بأنَّ هذه الأيام بذرةٌ عُمانيَّةٌ أخرى، غرسناها في غابات هذه الجزر المترعة بالخضرة، لتطرح ثمارها في قادم الأيام بإذن الله تعالى. وتحدث العدوي عن برنامج الفعاليَّات فقال: لقد جرت فعاليَّات البرنامج كما نأمل وأكثر، سواء الَّتي خطّط لها، كتلك التي شهدتها قاعات البرلمان والجامعات والمؤسَّسات الثَّقافيَّة القَمَريَّة، أو تلك الَّتي حصلت في اللّقاءات الجانبيَّة، وفي احتفالات المحبَّة العفويَّة، وقد خرجنا منها بالعديد من التَّصوُّرات، ومجموعةٍ من التَّوصيات، الَّتي سنعمل معًا على ترجمتها عمليًّا، على أرض هذه الجزر الخالدة، بقدر استطاعتنا بإذن الله تعالى.
فتح آفاق التَّبادل العلمي
وتحدَّث د. محمَّد بن ناصر المحروقي –مدير مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي بجامعة نزوى، رئيس الوفد العُماني- في تصريحٍ له بالقول: إنَّ التَّاريخ المشترك يجب أن ينقل من بطون الكتب إلى واقع الحياة اليوميَّة، هذا واجبٌ على الطَّرفين، من مسؤولين ومثقَّفين وجميع أطياف المجتمع المدني، علينا أن نفتح آفاق التَّبادل العلمي، وتوفير المنح الدِّراسيَّة، كما ينبغي أن نفتح آفاق التَّبادل العلمي المشترك، كما أنّ جزر القمر تتوفر على خيراتٍ كثيرةٍ، وتصديرها سيشكّل مصدر دخلٍ جيِّدًا للدَّولة والفرد. وأضاف: أعّد هذه الأيَّام من أنجح الفعاليَّات، لأنَّها ليست كلمات تقرأ، فيتطاير كلامها بعد لحظات، وإنّما هي مشاعر حقيقيَّة، وإرادة متبادلةٌ من الطَّرفين لتقوية العلاقات. وعبر الباحث د. حامد كرهيلا -رئيس جمعيَّة الوفاء القمريَّة للتّنمية والأعمال الإنسانيَّة، المشاركة في تنظيم الأيَّام، حيث قال: نحن في جزر القمر قيادةً وحكومةً وشعبًا سعداء بوجودكم معنا، الَّذي تمكّنا من خلاله معايشة ذكريات التَّاريخ المشترك، بين السّلطنة والجزر، فكانت حافلةً بالذّكريات الطيِّبة، والمناشط الثَّقافيَّة المتنوِّعة الَّتي ترمز إلى عراقة التَّواصل بين البلدين والشَّعبين الشَّقيقين، ومن جانبنا نحن استفدنا كثيرًا؛ حيث كانت فرصةً طيّبةً سانحةً لإبراز ما كان يجهله كثيرٌ من أبنائنا وبناتنا، عن العلاقات التَّاريخيَّة المتميّزة بين البلدين والشَّعبين. أمَّا هذه التَّجربة فهي فريدةٌ من نوعها، وندعو الله أن لا تكون هذه التَّجربة يتيمةً، وأن يكون لها امتدادٌ وتواصل، فمثل هذه الفعاليَّات يشجّع على توطين اللُّغة العربيَّة في المجتمع.
أيَّامٌ لا كبقيَّة الأيَّام
من جانبٍ آخر أحدث البرنامج الثَّقافي المشترك بين البلدين تفاعلًا من قبل الأقلام الإعلاميَّة والباحثين، حيث كتب د. نورالدّين باشا من جامعة جزر القمر مقالةً نشرها مسلسلةً من ثلاث حلقاتٍ في صحيفة "البلاد" القمرية، حملت عنوان (أيَّامٌ لا كبقيَّة الأيام)؛ تحدَّث فيها بأنَّ الأيَّام الثَّقافيَّة العُمانيَّة القمريَّة بجزر القمر جرت بسلاسةٍ وأريحيَّةٍ كبيرة، لا تكاد تميّز بين قمريّ وعُمانيّ، فهما في الهمّ سواء، يتكلّمان بلغةٍ واحدةٍ وبمشاعر وديَّةٍ متباينةٍ، وإذا كانت الحكمة هي ضالة المومن فإنّ العُماني هو ضالَّة القمري، فأنَّى وجده فهو أحقّ به وأهله، ولسان حالهما يقول: لقد انتهى عهد العزلة والانطواء، وبدأ عصر الانفتاح والالتقاء. وأشار في مقالته إلى ضرورة أن تفتح الحكومة العُمانيَّة مكتب تمثيلٍ دبلوماسيّ في مدينة موروني، وأن تأذن للمؤسَّسات الخيريَّة العُمانيَّة والمستثمرين العُمانيِّين بتوجيه قسطٍ من استثماراتهم إلى الأرخبيل، وللشركات العُمانيَّة بنقل خبراتهم وأنشطتها الاقتصاديَّة، خاصَّةً في مجال الصَّيد والزِّراعة، إلى أبناء عمومتهم، الَّذين لا يزالون يعتمدون على طريقة العصور الحجريَّة.
ووصف يحيى محمَّد إلياس، وزير التَّعليم العالي الأسبق في الحكومة القمريَّة الفعاليَّات الثَّقافيَّة العُمانيَّة القمريَّة هي التئام للشَّمل، وتراصٌّ للصُّفوف، بعد فراقٍ دام قرونًا، وها هو اللّيث قد حنَّ إلى عرينه، فأهلا وسهلا والعود أحمد، وأتمنَّى أن تتبعها خطوات لاحقة، والملتقى الثَّقافي فرصةٌ طيِّبة، سعدنا بها كثيرًا؛ لأنَّها أحيت ما اندثر من علاقاتٍ عُمانيَّةٍ وقمريَّة، وإحياؤها هو رسمٌ لمستقبلٍ مشرق، وإحياءٌ لأجيال متواصلة. أمَّا عبدالعزيز مدوهوما، المسؤول عن إدارة الشُّؤون العربيَّة بوزارة الخارجيَّة بجزر القمر، فقد عبَّر عن سروره بإقامة هذه الفعاليَّة العُمانيَّة القمرية في موروني، فهي -حسب قوله- تؤدّي إلى تعزيز التَّواصل بين الشعبين العُمانيّ والقمريّ، والتَّصميم للبلوغ بالعلاقات بين البلدين إلى آفاق أوسع في جميع المجالات. وأكَّد أيضًا أنَّ ثمَّة تاريخًا مشتركًا بين البلدين، ودعمًا عُمانيًّا مستمرًا للبلاد منذ فجر الاستقلال إلى يومنا هذا، وأنَّ الشّعبين العماني والقمري يجمع بينهما الحبّ والوئام والإحساس بوجود الكثير من القواسم المشتركة والعلاقات بينهما في تطوُّرٍ مستمرّ، وهذه الأيَّام دليلٌ على النُّموّ المتزايد لها، والمعروف أنّ الدبلوماسيَّة الشَّعبيَّة أقوى آثار وأسبق من الدّبلوماسيَّة الرَّسميَّة.
جزر التّاريخ المشترك
ومن الوفد العُماني تحدّث د. سليمان بن سالم الحسيني –مدير معهد التّأسيس بجامعة نزوى-، المشارك في الفعاليَّات: إنَّ جزر القمر ليست فقط جزر الطّبيعة الخلابة فقط، وإنَّما جزر التَّاريخ، والحضارة السَّواحليَّة المميّزة المرتبطة بالإسلام والعروبة، وقد تعلّمتُ أثناء هذه الزِّيارة القصيرة لهذه الجزر الكثير عن تاريخ بلادي عُمان، وعن الشَّعب العُمانيّ العريق الَّذي جاء إلى هذه الجزر من أزمانٍ بعيدة، فنشر بين أهلها الإسلام والقيم والأخلاق الحميدة، الَّتي نراها متمثلةً في سلوك القمريين، وحياتهم اليوميَّة. وقال أيضا إنّ القمريّين فخورون بهذا الإرث الحضاري العريق، هم لا ينظرون إلى العرب والمسلمين والعُمانيّين خصوصًا على أنّهم دخلاء على هذا المجتمع وغرباء عليه وأعداء له، وإنَّما ينظرون إلى العُمانيّين أنّهم امتدادٌ تاريخيٌّ وحضاريّ لهم.
وكانت الأيَّام العُمانيَّة الثَّقافيَّة قد دشّنت فعاليَّاتها في مقرّ البرلمان مساء السَّبت الموافق للعاشر من الشّهر الجاري، وجرى البرنامج كما خطّط له، حيث نفّذ في ثلاث محطَّاتٍ رئيسة، وهي مدينة مروني عاصمة الجزر، وجزيرة هنزوان، وجزيرة موهيلي، وقُوبل الوفد العُماني باستقبالٍ رسميٍّ وشعبيٍّ كبيرين، أكَّد على عمق الصَّداقة بين البلدين، ومتانة الأخوّة بين الشَّعبين. وخلال إقامته في جزر القمر الثلاث قام الوفد بزياراتٍ متواصلةٍ للكثير من المدن التَّاريخيَّة والمواقع الأثريَّة ذات الجذور العربيَّة، كما زار المؤسَّسات التَّعليميَّة المختلفة كالجامعة والمدارس وجمعيَّات المرأة العُمانيَّة، وتحاور مع افراد المجتمع، وتدارس معهم أحلام النُّهوض بالمجتمع، والكيفيَّة الَّتي يمكن بها القمريُّون تحقيق ارتقاءٍ ونهضةٍ في الميادين العلميَّة والصِّحيَّة والتِّجاريَّة.
المؤسّسات الرَّاعية للفعاليَّة
الجدير بالذِّكر أنَّ الأيَّام العُمانيَّة القمريَّة نظَّمت من قبل مؤسَّسات أهليَّة ومدنيَّة عُمانيَّة، وهي جامعة نزوى ممثلةً في مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدِّراسات العربيَّة، ومكتبة النَّدوة الأهليَّة العامَّة بولاية بهلا، وبيت الغشّام للنشر والتَّرجمة، مدعومًا من قبل مؤسَّسات رسميَّة عُمانيَّة، وهي:وزارة التَّربية والتَّعليم، ووزارة الأوقاف والشُّوؤن الدِّينيَّة، ومؤسّسة عُمان للصَّحافة والنَّشر والإعلان، والهيئة العامَّة للإذاعة والتّلفزيون، ومن الجانب القمري: اشتركت مؤسَّسة الوفاء القمريَّة للتَّنمية والأعمال الإنسانيَّة في تنظيم هذه الفعاليَّة، وقامت جهاتٌ رسميَّةٌ بدعمها وأسهمت في تذليل الجهود والصّعاب، وعلى رأسها ديوان الرِّئاسة بدولة جزر القمر، ووزارة التَّعليم العالي والبحث العلمي، وجامعة جزر القمر.
وفي ختام الحفل تمَّ تكريم المشاركين في الفعاليَّات من الوفد العُماني والمؤسَّسات القمريَّة، يذكر أنَّ جامعة نزوى شاركت كمنظّمٍ رئيسٍ للفعاليَّات عن طريق مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدِّراسات العربيَّة، إلى جانب مشاركة أكاديميين في تقديم أوراق العمل ومنهم الدُّكتور سليمان بن سالم الحسيني –مدير معهد التّأسيس-، والدُّكتور عبدالله سيف الغافري –مدير وحدة بحوث الأفلاج بالجامعة-، والفاضل سيف بن أحمد الحارثي –موظف بدائرة الشؤون المالية-، والفاضل سليمان بن سيف الصَّقري –مشرف دعم بمركز نظم المعلومات بالجامعة.
|