السابق | رجوع | الرئيسة | التالي |
كلماتٌ احتفائيَّةٌ وقصائد شعريَّةٌ وأهازيج شعبيَّةٌ عبَّرت عن عمق العلاقة بين البلدين الوفد العُماني يلتقي رئيس البرلمان القمري ويقوم بجولةٍ سياحيَّـةٍ للمعالم الأثريَّـة من جزر القمر- محمَّد بن سليمان الحضرمي: وسط احتفاء رسمي وشعبي، شهدت جمهورية جزر القمر المتحدة مساء أمس (السَّبت 8/ 6/ 2013م) حفل افتتاح الفعاليَّات الثَّقافيَّة للأيَّام العُمانيَّة القمريَّة، برعاية فخامة الدُّكتور إكليل ظنين رئيس الجمهوريَّة، وقد حضر بالإنابة عنه معالي الدُّكتور فواد مهاج -نائب رئيس الدَّولة والمكلَّف بوزارة الإنتاج والطَّاقة-، ومعالي وزير التَّعليم العالي والبحث العلمي والثَّقافة، ومجموعةٌ من معالي الوزراء، وذوي المناصب الرَّفيعة في الحكومة القمريَّة، حيث استُقبل الوفد العُماني في حفل الافتتاح برقصاتٍ شعبيَّةٍ من الفلكلور الشَّعبي القمري، وأُلقيت خلاله مجموعةٌ من القصائد الشِّعريَّة، من الجانبين العُماني والقمري. وفي كلمةٍ ألقاها الدُّكتور محمَّد بن ناصرالمحروقي -مدير مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدرِّاسات العربيَّة بجامعة نزوى، رئيس الوفد العُماني الثَّقافي-، قدَّم فيها تحيَّةً للشَّعب القمري حكومةً وشعبًا، وقال: إنَّ ما نصبو إليه من بناء جسور التَّواصل يقوم على قاعدةٍ صلبة؛ فالعلاقة المشتركة بين عُمان وجزر القمر ضاربةٌ في جذور التَّاريخ، وتتوسَّد عمقًا تاريخيًّا ثريًّا منذ الهجرات القديمة، كما كان الحال في هجرة النَّباهنة والمناذرة إلى جزيرة"مايوت"، ثمَّ حكم فرعٌ من عائلة البوسعيد لجزيرة موهيلي. التَّركيز على إصلاح التَّعليم وأضاف المحروقي: إنَّ عقد الصِّلات الثَّقافيَّة مع جزر القمر دينٌ تأخَّر أداؤه من قبل الأخ الأوفر. ولا تكفير لذلك الذَّنب سوى بذل الجهد الكبير لتقوية تلك الرَّوابط، ولقد جئنا نصل رحمًا ونؤدِّي واجبًا يفرضه الدِّين أوّلًا وقبل كلِّ شيء، فقد قال تعالى في محكم كتابه: "وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍفِيكِتَابِ اللَّهِ". ثمَّ بعد ذلك يفرضه الواقع المعاش القائم الَّذي لا يعترف بالانغلاق، وإنَّما يفرض الانفتاح والتَّفاعل الإيجابي لرقيّ الخلق، ولا شكّ أنَّ لدى الدَّولتين الشَّقيقتين ما تقدِّمه إحداهما للأخرى، ممَّا ينفعها فكرًا ومعاشًا. واختتم كلمته بالقول: إنَّ الاستقرار السِّياسيَّ الَّذي تنعم به البلاد القمريَّة سينعكس إيجابًا على مستوى المعيشة، وهم ينصحونكم بالتَّركيز على إصلاح التَّعليم، فهو أسُّ كلِّ تطوُّرٍ وأساس كلِّ ازدهار.إنَّ الثَّروة الحقيقيَّة للأمم تكمن في عقول البشر لا في مكنونات الحجر، وإن غلا قدرها وارتفع شأنها في أسواق المال، وقد أجرى المنظِّمون حواراتٍ مع أصحاب القرار في التَّعليم العالي، يدعونهم إلى توفير منحٍ دراسيَّةٍ لطلابٍ قمريِّين في السَّلطنة، وكانت الإجابة مسعدةً، فعسى أن يوفِّقنا الله فيما نسعى إليه. بعد ذلك ألقى الدُّكتور حامد كرهيلا كلمةً بالإنابة عن مؤسَّسة الوفاء المشاركة في تنظيم فعاليَّات "الأيَّام الثَّقافيَّة العُمانيَّة"، شكر فيها المنظِّمين لهذه الأيَّام من الجانب العُماني، كما شكر الحكومة القمريَّة على مساندتها ودعمها لها، وتحدَّث عن أصالة العلاقة العُمانيَّة القديمة بجزر القمر، حيث قال: إنَّ العلاقات العُمانيَّة القمريَّة قديمةٌ راسخةٌ وممتدَّةٌ في جميع الجزر القمريَّة؛ فجزيرة "مايوت" القمريَّة حكمها العُمانيُّون أكثر من مائةٍ وعشرين سنة، ولم يحكم "موهيلي" إلا سلاطين عرب، ما عدا الفترة الَّتي حكم فيها "رومانتكا" وابنتها "جومبيه فاطمة"، الَّتي كان زوجها الأل عُمانيًّا، أنجبت منه ثلاثة أولاد، تولَّى اثنان منهم الحكم بعدها، كما نجد الاتِّصالات المبكِّرة بين سلاطين جزيرة "أنجوان"، وإمام مسقط من دولة اليعاربة، أمَّا في "انجزيجا" فإنَّ سلاطين قبيلة "اينا فوامبيا" من الأسرة النَّبهانيَّة العُمانيَّة، ممَّا جعل السَّيِّد السلطان برغش بن سعيد سلطان زنجبار يقف بجانب"موسى فوم" ويدعمه عسكريًّا في صراعه مع السَّيِّد على الَّذي كان مدعومًا من قبل فرنسا. العمانيُّون اكتشفوا السَّاحل الأفريقي كما ألقى معالي محمَّد إسماعيل وزير التَّعليم العالي والبحث العلمي والثَّقافة، كلمةً عرَّج فيها بالحديث عن العلاقة العُمانيَّة القديمة، حيث أكَّد بالقول: إنَّه لا يخفى على أحد الأثر التَّاريخي الَّذي خلَّفه العُمانيُّون في القرن الأفريقي عام، وفي جزر القمر خاصَّةً، والمتمثِّل في نشر الإسلام وتشكيل سلوك المواطن القمري. وأضاف: إنَّ العرب العُمانيِّين كان لهم فضل السَّبق في اكتشاف السَّاحل الأفريقي وجزره، وحقًّا لقد كانت التَّضحيات المبذولة عظيمة، والإنجازات أعظم، حيث أشرق نور الإسلام في هذا السَّاحل وفي جزر القمر بالذَّات، حيث ظلَّت الدَّولة الإسلامية الوحيدة في المحيط الهندي. وقال: إنَّ الزَّائر لجزر القمر سوف يلحظ بوضوح التَّجانس في الأزياء ذات الأصول العُمانيَّة، حتَّى بعد التَّأثير الاستعماري الغربي، وطمس المعالم والملامح العربيَّة والإسلاميَّة، إلَّا أنّ المتأمِّل يجد نموذجًا حيًّا من بقايا التَّاريخ والسُّلوك العربيّ العُمانيّ بالتَّحديد، ما لا يجده في الكثير من العواصم العربيَّة. وعدَّد معاليه بعض من العادات الخاصَّة بالرِّجال، مثل ارتداء العمامات السَّعيديَّة السُّلطانيَّة، وتقليد السُّيوف في المناسبات الاجتماعيَّة، وبالنِّسبة للمرأة فما تزال تقلّد شقيتها العُمانيَّة في زيِّها الأصلي، ولم ينحصر هذا التَّأثير على المظاهر والملابس، بل امتدَّ إلى العادات الاجتماعيَّة واللَّهجات المحليَّة. قصائد شعريَّةٌ وأهازيج فلكلوريَّة هذا، وقد شهد الحفل قراءات قصائد من الجانبين العُماني والعربي، شارك فيها من السَّلطنة محمَّد الحضرمي بقراءة قصيدةٍ مقفَّاة بعنوان "كومورز"، استلهم فيه ما أثار مخيّلته من جمالٍ طبيعيٍّ خلاب، وطيبةٍ في الشَّعب القمري من وحي الزِّيارة للجزر، كما ألقى الشَّاعر الإعلامي بدر الشّيباني قصيدةً نثريَّةً بعنوان "رسالة عربيٍّ إلى جزر القمر" عبَّر فيها عن مشاعره الفيَّاضة بزيارته للجزر، حيث تفاعل معها الحضور كثيرًا، إلى جانب ذلك ألقى شاعران من الجزر قصائد احتفائيَّةً بهذه المناسبة، ممتزجةً بالأهازيج الشَّعبيَّة الَّتي قدَّمتها فرقٌ رجاليَّةٌ ونسائيَّة، عكست جانبًا من الثَّقافة الشَّعبيَّة للمجتمع القمري، كما قدمت إحدى الفرق الرّجاليَّة رقصةً شعبيَّةً عُمانيَّة، كشفت عن عمق التَّأثُّر الحضاري في الموروث الفنِّي الشَّعبي. ثمَّ توجه راعي الحفل صاحب الفخامة نائب رئيس الجمهوريَّة بافتتاح معرض الكتاب العُمانيّ، ومجموعة من الصُّور الضَّوئيَّة، وصور للوثائق الَّتي توثِّق العلاقة بين البلدين.ودشّنت أولى الفعاليَّات الأدبيَّة بعد حفل الافتتاح بتقديم أمسيَّةٍ شعريَّةٍ شارك فيها مجموعة من الشُّعراء العُمانيِّين والقمريِّين. وكان الوفد العماني قد التقى بفخامة فؤاد مهاجي نائب رئيس الدَّولة، والمكلَّف بوزارة الإنتاج والطَّاقة، حيث استقبلهم في بيته على حفلة عشاء بمناسبة ليلة الإسراء والمعراج، وتحدَّث مع الوفد المشارك، معبِّرًا فيها عن شكره لهم لزيارتهم جزر القمر، ثمَّ نوَّه معاليه للوفد الثَّقافي العُماني بعمق العلاقات العُمانيَّة القمريَّة، مثمِّنًا هذه التَّظاهرة الثَّقافيَّة، الهادفة إلى تمتين العلاقات بين البلدين الشَّقيقين.وخلال اللِّقاء أيضًا عبَّر الدُّكتور محمَّد المحروقي باسم أعضاء الوفد عن امتنانهم لهذه اللَّفتة الكريمة، من معالي نائب الرَّئيس، والَّتي تجسِّد كرم الشَّعب القمري المضياف.كما التقى الوفد بمعالي برهان حامد رئيس بالبرلمان في مكتبه، والَّذي أبدى حفاوةً بقدوم الوفد العُماني الثَّقافي، وعبَّر عن عمق العلاقة التَّاريخيَّة بين السَّلطنة وجزر القمر. وسيقوم الوفد المشارك في الأيام الثَّقافيَّة العُمانيَّة بجولةٍ سياحيَّةٍ وزيارة لإحدى المدن الأثريَّة في جزيرة القمر الكبرى، وستتواصل الفعاليَّات الثَّقافيَّة بتقديم محاضراتٍ علميَّةٍ، يشارك فيها كلٌّ من مهنا بن راشد السَّعدي، والدُّكتور سليمان الحسيني – مدير معهد التّأسيس بجامعة نزوى-، وزين العابدين من جمهورية مصر العربيَّة، والدُّكتور حامد كرهيلا والسَّيّد علي هاشم من جزر القمر، ثمَّ تقام محاضراتٌ علميَّةٌ أخرى، يشارك فيها كلٌّ من الدُّكتور عبدالله الغافري –مدير وحدة الأفلاج بكليَّة العلوم والآداب بجامعة نزوى-، والدُّكتور خالد المشرفي، والشَّيخ سالم جابر، وخميس العدوي، إلى جانب تقديم قراءات سرديَّةٍ لكلٍّ من ابراهيم فوم جيمبا، وسليمان المعمري، ونور الدِّين محمَّد باشا.وأبدت مختلف الوسائل الإعلاميَّة والصُّحف القمريَّة حفاوةً كبيرةً بهذه المناسبة الثَّقافيَّة، وذلك بكتابة مقالاتٍ تتحدَّث فيها عن العلاقة الحميمة بين السَّلطنة وجزر القمر، وقامت بتغطية كلّ تحركات الوفد العُماني المشارك في الأيَّام العُمانيَّة القمريَّة. قصيدة المذيع الشّاعر بدر بن علي الشيباني في حفل الافتتاح "رسالة عربيٍّ لجزر القمر" العرب العابرون على صحراء اللّيل ما لهم سوى سوى قمرٍ يجرّ وراءه جزرًا من النُّور أيّها القمريُّون الآتون من أكواخ البنفسج خذونا إليكم فنحن نشتاق للنُّور مثلكم نشتاق لحمّامات بيضاء تتدلَّى لنا من مناقيرها تفاصيل الصّباح ونشتاق للغة البحر يسكنها الملح وتبقى متبخترةً بزرقتها
خذونا إليكم فمدننا ينبت فيها الظّلام يرتب أشياءنا فيها كيف يشاء فلا قصر الرّشيد على سفوح أمجادنا عاد ولا نهر بردى تحت قصورنا يسير ولا ليالينا المزهرة في محروستنا تحرس النِّيل بنجومها ولا لغة أهل عُمان الصَّافية تؤثّث أطفال العروبة كما كانت أيّها القمريُّون خذونا إليكم أنبت السّعف أشواكًا تقتات من مقل تاريخنا المهزوم جرحت أندلس أرواحنا لم يبق منها سوى كرةٍ تدحرجنا كيف تشاء تشباهت طرقاتنا المفضية إلى بعيدٍ عن عالم القمر فالقمر الَّذي تزيَّا بميلاد نبينا الكريم أصبحنا لا نراه وهو يصرخ كلَّ يومٍ: أنا هو.. أنا هو..هو أنا، فانظروا إليّ ولكن لا نراه أيُّها القمريُّون في بساتينكم مدد السَّماء بالخصب والمطر والحياة وفيها سجّادة من بياض الغيوم تنتظر الصَّلاة وفيها رغيف النَّبيِّين الَّذي يسمن المدن من الجوع وفي بساتينكم عباءات النِّساء المتفتِّحات كأزهار الأقحوان الرَّائعات كأشجار المانجو الَّتي ترتدي تيجان الذَّهب كلَّ موسم وعلى أسواقكم الموسومة بالشّعب المحلَّى بلغة الشَّابّي تعلّق الفطرة على الزّنود السَّمراء هلالها وتأذن السَّماء لجباهكم أن ترتفع عاليًا عاليًا حتَّى تصبحوا القمر وحتَّى تختلط النُّجوم حولكم بالياسمين لتصبحوا المدد البياض بين الأرض والسَّماء أيُّها القمريُّون خذونا إليكم فنحن مثلكم نحتاج أن نرى.. كم قريبةٍ هذي السَّماء! ونحتاج أن نرى على الأرض... أغنيةً وخبزًا وماء ونحتاج فطرتكم، هدوءكم، جمال شواطئكم، رقَّة عصافيركم، شموخ جبالكم، جلال جوز الهند عندكم نحتاج شدَّة ونقاء رياح جزركم نحتاج أمَّهات كادحاتٍ كأمّهاتكم ونحتاج للزَّاهدين العابدين في بلادكم ونحتاج رئيسًا حبيبًا لقلوبنا .. كسلطاننا في عُمان.. ورئيسكم أيّها القمريُّون لا تتركونا يعبث الظّلام في مدننا أيُّها القمريُّون... شكرًا لكم شكرًا لكم |