► السابق | التالي ◄ |
زارت وحدة بحوث الأفلاج بالجامعة يوم الخميس (17/ 10/ 2013م) إحدى مزارع "الأقوابونيك" في بركاء، وقد مثّل الوحدة الدّكتور عبدالله بن سيف الغافري -مدير الوحدة-، إلى جانب الدّكتور دينيس بور -رئيس قسم المشاريع-، والأستاذ الدكتور رودريك دوتون -مستشار المركز الوطني للبحث الميداني في مجال حفظ البيئة-. وتأتي هذه الزيارة للتّعرّف على التّقنيات المستعملة في مزارع "الأقوابونيك" ونتائجها الإيجابية والسلبية، وإمكانية إدراج هذه التقنية في أنظمة الأفلاج العُمانيّة. وتعدّ "الأقوابونيك" تقنيةً حديثةً في الزراعة تنتج الأسماك ومحاصيل زراعيّةً تزرع بدون تربةٍ؛ إذ تعتمد على تقنيتين لإنتاج الغذاء هما: تقنية "الهيدروبونيك"؛ وهي الزراعة بالماء وبدون تربة، وتقنية "الأقواكلتشور"؛ وهي زراعة الأسماك حيث يتمّ تدوير المياه المستعملة لتربية الأسماك بين جذور النباتات، فيما تزرع النباتات في الحصى بدون الحاجة للتّربة بما يسمح للماء بالانسياب بحريّة، وتعمل مخلفات الأسماك الغنيّة بالمواد المغذّية للنبات كالنيتروجين كسماد للنباتات؛ لذا لا يضاف أيّ سمادٍ آخر لها، وفي نهاية دورة الماء يكون الماء نقيًّا ويعاد ضخّه في خزان السّمك. وتعود هذه التقنية في بداياتها إلى شرق آسيا حين تمّت تربية الأسماك في حقول الأرز؛ لتوجد هذه التقنية حاليّا في كثير من الدّول كدول قارتي آسيا وأمريكا، وهي تعتمد كثيرًا على الظّروف المناخيّة للمكان؛ فالأسماك تحتاج إلى مدى معينٍ من درجات الحرارة وكذلك النباتات. وتقع سلطنة عُمان ضمن الدّول التي تنجح فيها هذه التقنية بالشّكل الأفضل؛ وذلك لعدم وجود فوارق كبيرةٍ بين فصول السنة المختلفة من حيث طول فترة السّطوع الشمسي اليومي على سبيل المثال. وكما هو الحال مع التقنيات العصرية في وجود إيجابيّاتٍ وسلبيّاتٍ لكلّ تقنيةٍ إلا أنّ تقنية "الأقوابونيك" تتميّز بقلّة السلبيات مقابل الإيجابيّات المحقّقة منها، وهي تتمثّل في نوعين من السّلبيّات: الأولى منها تتعلق بزراعة الأسماك؛ إذ يجب أن تحافظ على مدى معينٍ من درجات الحرارة للماء تقريبًا ما بين 30 و35 درجةً مئويّةً؛ لذا الاحتياجات التشغيليّة من الطاقة تتغيّر بحسب الظروف الجويّة، غير أنّه بالنسبة للسّلطنة، وخصوصًا المناطق السّاحليّة فإنّ درجة الحرارة تكون صالحة لزراعة الأسماك معظم شهور السّنة. والنّوع الثاني من السّلبيات يتعلّق بالنباتات حيث إنّ المياه المستعملة لتربية الأسماك لا تكون بها نسبةٌ كافيةٌ من الفسفور؛ لذا يحتاج إلى تعويض ذلك بخلط مواد عضوية مع المياه، والسّلبية الأخرى أنّه تصعب زراعة الأشجار الكبيرة لعدم توفّر الدعم الميكانيكي الكافي للجذور، وإن كانت زراعة أشجار كالبابايا أو الفيفاي ناجحةً جدّا. ورغم ذلك إلا أن هذا النوع من التقنية يوفر مردودًا اقتصاديًّا كبيرًا جدًّا؛ حيث إنّ الأسماك خلال ثلاثة أشهر فقط يتضاعف وزنها من أربعين جرامًا بالنسبة للتلابيا مثلا، إلى أكثر من ألف جرام، وبالنسبة للنباتات وبسبب وجود الجذور في ماء غنيٍّ بالمغذّيات، فإنّ دورة النباتات تكون قصيرةً؛ فمثلا يمكن أن نحصد بعض محاصيل الخضار بعد أسبوعين فقط من زراعتها. ولا يكلّف تشغيل النّظام سوى القليل من الطاقة لتدوير الماء وشراء الأسماك الصغيرة قليلة الثمن وكذلك غذائها. ولهذه التقنية مستقبلٌ واعدٌ حيث تمتاز بانخفاض التكلفة وعدم إضرارها بالبيئة إلى جانب غزارة الإنتاج وارتفاع المردود الاقتصادي. وتتوفر في السّلطنة جميع العوامل لنجاحها من الطّقس الدّافئ، وتوفُّر جميع المواد اللازمة في السّوق المحليّة، وملاءمة التقنية للمناطق الجافّة بها؛ إذ إنها لا تستهلك كمياتٍ كبيرةً من المياه.
|