|   01 سبتمبر 2024م
السابقالتالي


قبل أكثر من شهرين ودعت جامعة نزوى الناقد والاديب المغربي الكبير الأستاذ الدكتور علال الصديق الغازي........ وما كان للأسبوع الثقافي الثالث في جامعة نزوى أن يغفل عن وقفة ذكرى مع هذا العزيز الذي رحل بعد أن ترك أبناء له وطلبة بذكراه العطرة التي لا يتصورون أن تفارقهم يوما ... لذلك كان لهم وقفة مع النتاج الادبي للراحل رحمه الله عبر ندوة علال الغازي الغائب الحاضر في الاسبوع الثقافي الثالث بجامعة نزوى.. شارك في هذه الندوة نخبة من رفاق درب الغازي رحمه الله الأستاذ الدكتور عبد المجيد بن جلالي والأستاذ الدكتور سعيد الزبيدي والدكتور عيسى السليماني. بدأت الندوة بتلاوة عطرة لآيات الذكر الحكيم تلاها الطالب أحمد الحضرمي ثم بدأ رئيس الجلسة الدكتور سعيد الزبيدي بتقديم تعريفي للراحل رحمه الله ومن ثم تطرق الدكتور عبدالمجيد بن جلالي للصفات المميزة للراحل رحمه الله ورحلته في طلب العلم ومجموعة من النقاط الأخرى في كلماته الفاقدة لعلال الغازىومن جملة ما قال: ليس هناك بالنسبة لأستاذنا علال إشكال بدون حل، ولا بحث بدون منهج. ومن المواهب الجلية التي وهبها الله إياه، مقدرته الفائقة على وضع بناء محكم لكل موضوع عُرض عليه. وهي موهبة صقلها بالقراءة، والقراءة المتتابعة. فإذا كانت الأمة العربية كما يروج حاليا أمة لا تقرأ؛ فإني أسجّل هنا استثناء بهذا الرجل الذي عشق الكتاب وظل يشتري الكتاب إلى آخر حياته. يشتريه ليقرأه ويشتريه لينفع به غيره. ويمكن اختزال المشروع العلمي للمرحوم علال الغازي في شقين: الشق الأول: الإشراف الأكاديمي. لم يكن ـ رحمه الله ـ يتوجس خيفة من أي موضوع يشرف عليه، أو يناقشه، أو يلج عوالمه، أو يقتحم خباره. ولذلك نجده يشرف على مواضيع شتى تجمع بين تحقيق التراث،والنقد الأدبي قديمه وحديثه ومعاصره، ويقوم بصنع الدواوين ، وجمع المادة الخام لكثير من النصوص التي ضاعت أصولها في رحلتها عبر الزمن، لا يقف رحمه الله عند حقبة محددة،أو على أسماء معينة. من هذا الباب، صنع الكثير من الرجال والنساء والباحثين والباحثات الذين يشهد لهم بالكفاءة وبالأخلاق العلمية. لقد حول المناقشات العلمية للرسائل والأطاريح إلى عرس أكاديمي. إذا كان مناقشا يصول ويجول. يرمم خروم البحث حتى تبدو معالمه واضحة. ويهتك حجبه إذا كان بناؤه منهدا ليعيد بناء صرحه من جديد بشكل تصبح شعابه الملتوية والمظلمة، سالكة ومضيئة. " أنا وإياك في قفص الاتهام، فلتكن أذنك صاغية لكل ما يقال من قبل أعضاء اللجنة" تلكم كانت قالبا من قوالب المقولات الجاهزة للمرحوم علال إذا كان مشرفا، فكثيرا ما كان يرددها قبل ختامه للتقرير. إنها عبارة يخاطب بها الطالب الباحث حتى أصبحت حقوق طبعها محفوظة له...عبارة تدل على التواضع الذي هو سمة العلماء الكبار الذين يزداد تواضعهم بازدياد معارفهم. الشق الثاني:بؤرة النتاج العلمي بؤرة هذا النتاج، ومركز ثقله يسير في خطين متكاملين، يسعى في أولهما إلى خلق هوية للنظرية العربية في النقد الأدبي، ويسعى في ثانيهما إلى تطويع المنهج وجعله واضح المعالم من حيث التصوروالتمثل. ولهذا السبب وجه عدسته إلى القرن السادس والسابع والثامن والتاسع للهجرة بعدما أدرك بسعة اطلاعه إلى وجود مدرسة نقدية متميزة بطابعها القائم على التنظيرات البلاغية والفلسفية والمنطقية والتفريعات الأصولية على غرار المدرسة الفلسفية المتمثلة في ابن رشد،وابن باجة،وابن طفيل وابن حزم وغيرهم....... ومن الذين تربعوا على عرش الحديث عن هذه المدرسة بكفاءة واقتدار.. الأستاذ الدكتور علال الغازي أثناء تحقيقه لكتاب المنزع الذي يمثل أهم النصوص النقدية والبلاغية في المنهج، أو المضمون، أو الاتجاه الذي جعل منه نظرية نقدية مكتملة النضج. وإذا كان السجلماسي قد نزع منزعا متفردا في منهاجه؛ فإن المرحوم علال الغازي قد تغلغل في الكشف عن تطور المصطلح النقدي وبنية المنهاج في المنزع ويكفيه فخرا أنه استطاع أن يقدم شبكة شاملة للمصطلحات النقدية والبلاغية بطريقة لا يهتدي إليها إلا من أصبح يفكر بتفكير السجلماسي المنطقي والفلسفي في التقعيد والتنظيروالتجريد. لقد راهن رحمه الله على إبراز ثراء النقد العربي القديم بهدف إعطاء شحنة للنقد العربي الحديث، وذلك بتلقيحه وتأصيله بمفاهيم نقدية ومصطلحات يستطيع استثمارها وتوظيفها في المقاربات النصية والبلاغية بدلا من التقليد واستلهام مفاهيم نقدية من الغرب بعيدة عن حقلنا الإبداعي والنقدي. كان يعتقد، ويعتز باعتقاده في وجود نظريات عربية في شتى العلوم والمعارف، بحيث كان ينفي مسألة الاعتباطية فيما هو موجود. دليل ذلك ما نجده في بعض عناوين بحوثه ومنجزاته العلمية: • مناهج النقد الأدبي بالمغرب. • نظرية البلاغة عند السجلماسي. • نظرية الشعر في النقد الأدبي. • نظرية المعنى في التراث النقدي الفلسفي. • إشكالية المنهج والمصطلح النقدي في تراث ابن خلدون. • تكامل النقد النظري والنقد التطبيقي في إشكالية المنهج. • نظرية عمود الشعر في تنظير المرزوقي وتطبيق الآمدي. فلماذا النظرية؟ ولماذا المنهج؟وما هو سر هذا التوجه؟ وأضاف بن جلالي بقوله: واستقر به المقام بسلطنة عمان وكان على وشك الإفصاح عن مكنونات هذا البلد العلمية ببحوث اتخذ بعضها طريقه إلى الطبع ومنها: • الصحيفة القحطانية: تقديم وتحقيق، بالاشتراك مع الفاضل الأستاذ الدكتور محمود السليمي. • الأدب العماني في البحث الجامعي(الماجستير والدكتوراه):دراسة في المنهج الوصفي والتحليلي. • الأدب العماني من خلال أجناسه الأدبية: مقاربة في النص والمنهج. • الطبيعة في الشعر العماني:دراسة نصية. • الأدب العماني وتصحيح مناهج الدارسين: دراسة في تحقيق الأدب العماني. ثم قدم الدكتور عيسى بن محمد بن عبدالله السليماني وقفة مع النتاج الأدبي للراحل رحمه الله الذي كانت له مساهماته المثرية للأدب العربي بوجه عام وللأدب العماني على وجه الخصوص حيث يقول: فمن الكتب المطبوعة المنشورة التي بين يدينا : " المنزع البديع في تجنيس أساليب البديع " هذا الكتاب لأبي محمد القاسم السجلماسي ، قام الأستاذ المرحوم بالتقديم والتحقيق ، وقد بذل فيه جهدا كبيرا ، وقدم من خلال التحقيق إبداعا متميزا ، وعليه نال هذا التحيقيق جائزة المغرب للآداب عام 1980 ، بدأ عمله في الكتاب بوضع باب عن حياة المؤلف والمنهج الذي اتبعه في التحقيق ، ثم قسم الكتاب على عشرة أجناس ، وقسم الجنس على أبواب ثم فصول ومباحث ، الأجناس العشرة تناولت : الإيجاز – التخييل – الإشارة – المبالغة – الرصف – المظاهرة – التوضيح – الاتساع – الإنشاء – التكرير . ويعد هذ الكتاب من المراجع المهمة في النقد الأدبي في القرن الثامن الهجري ، وهذا الكتاب قدم لنيل درجة الدبلوم المعمقة التي تساوي درجة الماجستير نوقش العمل عام 1977م . 2 – الكتاب الثاني " مناهج النقد الأدبي بالمغرب خلال القرن الثامن الهجري " سلك العمل في هذا الكتاب على النحو الآتي : قسم الكتاب إلى أربعة أقسام وانطوت تحت الأقسام أبواب وفصول ومباحث : فالقسم الأول تناول فيه : منهج النقد التطبيقي في فن الرحلة " الرحلة المغربية " أما القسم الثاني : كان حول منهج النقد التطبيقي في فن التراجم . والقسم الثالث منهج النقد التطبيقي في شرح النصوص الشعرية . وجاء القسم الرابع عن منهج النقد النظري من خلال تيار الفلسفة والمنطق . يعد هذا الكتاب من المراجع المهمة في النقد الأدبي . أصل هذا الكتاب أطروحة دكتوراة دولة نوقشت عام 1986 . 3 – " الصحيفة القحطانية لابن رزيق " ، هذا الكتاب من مدونات الأدب العربي في عمان وجاء الكتاب في خمسة أجزاء بعد التحقيق ، واشترك في تحقيق هذا الكتاب كل من : الأستاذ الدكتور علال الغازي ، والدكتور محمود السليمي ، والدكتور محمد حبيب . ونرجو أن يصدر قريبا إن شاء الله . كما بحث المرحوم مجموعة من البحوث نشير لبعضها وهي : 1 – النقد الأدبي في سلطنة عمان بين النظرية والتطبيق . 2 – صورة النقد الأدبي في بغية الرائد . 3 – وبحث عن التحقيق وأساليبه . كما قدم مجموعة من الأعمال النقدية : قراءة لقصائد في سوق صحار الأدبي لأعوام ثلاثة متتالية . ما كتبه حول الرواية عند نجيب محفوظ . ثم قدم الدكتور سعيد الزبيدي قصيدة رثاء لصديقه ورفيق دربه العلمي المرحوم علال الغازي بعنوان وعي الصدمة: ما مات علال من أبياتها: وكان من شر حسادي وأخوفـــــــــــــــــهم موت ترصدني كـــــــــــــــالذئب والشاة فاختار (علال) من عقــــــــــــــدي فأفرطه فكيف اجمع اجزائــــــــــــــــي واشتاتي فيا له هد أسواري ومــــــــــــــــــــــــــتكي وعافني أي حيٍ مثل أمــــــــــــــــــواتِ ما مات (علال) إذ تخشى به شفتـــــــــــــي ألفاظها كلها أبـــــــــــــــــــــــناء علاتِ أهابُهُ خيمة للنقد قد نصـــــــــــــــــــــــــبت مذ قيل قبل (بأسيافي وجفنـــــــــــــاتي) وقام فيها عمود الشعر فارتـــــــــــــــــجفت مني القوافي لدى إحدى الحماســـــــات ما مات (علال) إذ لمــــــــــــــا يزل عطراً أنفاس أهل (سلا) أو ذكر أغمــــــــــات وقدم الطالب فهد المنذري قصيدة رثاء أخرى مهدية من ابن لأبيه كما شاركه الطالب حسين النبهاني بقصيدة أخرى لتختتم الندوة مع بقاء ذكرى الوفاء للأساذ الكبير علال الغازي في قلب جامعة نزوى إدارة وأساتذة وطلابا. الإستاذ خليفة اليعربي ماجستير في النقد الحديث يقول: كان المرحوم الدكتور علال الغازي الدافع الذي يدفعنا للعلم هو نحن ونحن هو ، ما ألذ حديثه في العلم ، وما أروع ابتسامته ، كان كما قال حقا يعاقب بالرحمة ويرحم بالعقاب ، لم يفرق بين هذا وذاك إلا بالجد والاجتهاد ، واليوم بحوث الماجستير لروحه الطاهرة. عيسى بن سعيد الحوقاني يقول: خُلق المرحوم الدكتور علال الغازي للعلم ومن أجل العلم فكان لا يعرف المجاملة في العلم وكان ينصح مرارا على الإكثار من القراءة والتعمق في المعرفة. رحمه الله وأدخله فسيح جناته. ويقول فهد المنذري طالب ماجستير: بالفعل لقد فقدنا علما غزيرا كان طلبته ينهلون العلم نافعا فقد فقدنا كنزا من كنوز المعرفة وشمسا تسطع بالعلوم والمعارف ، فقد كان نعم الدكتور العالم والناقد والفكر ، سقانا من علمه الكثير وحوانا بعطفه وحسن معاملته .