|   30 سبتمبر 2024م
السابقالتالي


الملتقى الثقافي الثاني يلقي إضاءاتٍ حول عالَم الرِّوائي: الطيِّب صالح

كتبت- سالمة الناصرية أقيم ظهرَ أمسِ "الأحد" الملتقَى الثقافي الثَّاني الذي جاءَ بعنوان (نخلةٌ على الجدول)؛ ليلقيَ الضَّوءَ حول حياةِ الرِّوائي السُّوداني الرَّاحلِ الطيِّب صالح. إدار الحوارَ الدكتورُ محمد الشحَّات مدرس بقسمِ اللغة العربية باستضافة كلٍّ من: الدكتور محمد مدني -عضو بجمعيَّةِ النقد العربي-، والأستاذِ عبدالعزيز الفارسي -مشرفِ أسرةِ القصة بالنَّادي الثقافي-. وقد بدأ الحوارُ بالحديث عن حياة الروائي والقاصِّ الطيب صالح التي عاشها بين عددٍ من الأقطار المختلفة، وحياتِه المهنية التي أكسبته خبرةً واسعةً بأحوالِ الحياة والعالم، وأهم من ذلك أحوالُ أمته وقضاياها، وهو ما وظَّفه في كتاباتِه وأعمالِه الروائية وخاصة في "موسم الهجرة إلى الشَّمال" روايتِه العالمية. كما تحدَّث الدكتورُ الشحَّات عن حياةِ الطيِّبِ صالح الفنيَّة والأدبية التي نال بها العديدَ من المراكز والجوائز الأدبيةِ خلَّدت ذكرَهُ وجعلته لسانَ حالِ الوسط الأدبي بأجمعِه؛ لما جمعَه في كتاباتِه بين التَّواضعِ وقوَّةِ المخزون الثقافي، حاملاً شجونَ السرد العربي وامتيازاته. بعد ذلك ألقى الدُّكتور محمَّد مدني قراءةً تأمليَّةً وحوارية احتفَى فيها بالطيِّبِ صالح كأحدِ أفضل ثمارِ النقد العربي في القرنِ الواحدِ والعشرين، وركَّزَ قراءتَه على روايةِ "موسمُ الهجرةِ إلى الشمال"؛ لما أخذته من مكانةٍ كواحدةٍ من أفضلِ مائةِ رواية في العالم خلال هذا القرن، وقد ترجمت إلى ستٍّ وخمسينَ لغةً، وأثارت حوارًا وجدلًا ثقافيًّا ضخمًا، وقد استعرضَ الدُّكتورُ عددًا من هذه الإشكالياتِ؛ كالقول بأنَّ هذه الرَّوايةَ تصنَّفُ ضمنَ السِّيَرِ الذَّاتية، نافيًا هذه الإشكاليةَ بعددٍ من الأدلةِ التي تدعمه، والإشكاليةُ الثانيةُ هي إشكاليةُ الصِّراع بين الشرق والغرب، وأشار إلى إشكاليةٍ أخرى، وهي موضوعُ الجنس في الرِّواية وما أثارَه من قلقٍ في عالمِ الكتابةِ العربية. بعدها قدَّمَ الدُّكتورُ مدني استعراضًا موجزًا لعددٍ من أعمالِ الكاتب الروائيَّةِ، مؤكدًا على ضرورةِ الاهتمامِ بهذهِ النَّخلةِ الأدبيَّةِ المثمرةِ. بعدها قدم الدكتور محمد شحات- قراءةً مختارةً في قصتين من أعمالِ الكاتبِ، وهما "أغنية حب" و"خطوة للأمام". ثم قدَّم الأستاذُ عبدالعزيزُ الفارسي قراءةً للطيِّبِ صالح بصفةٍ كتابيَّةٍ لا نقديَّة اعترف فيها بأثرِ الكاتبِ على حياتِه الأدبية؛ لما أضافته من صدماتٍ جماليَّة متعددةٍ عمَّقتْ داخله مفهومَ الكتابةِ، ورسَّخَت لديه مفهومَ الإنسان وتأملِ الذات والأرض، كما تميَّزَ أسلوبُ الطيبِ صالح بإشراكِ القارئِ، واستفزازِه في إيجادِ صورةٍ تكميليَّةٍ للأحداث، وهو ما يطلبُ من القارئ مواصلةَ القراءةِ لكلِّ نصٍّ يقع بين يديه من أعمال الكاتب. وركز على طريقةِ الكاتب في التَّعاملِ مع المحظوراتِ بطريقةٍ طرحها على الواقعِ والصِّدامُ معها كقضية الجنس في روايتِه المعروفة "هجرةٌ إلى الشمال"، وشهد له بما تعلمه منه في تقديرِ التعبيرِ اللغوي والاحتفاءِ بالبسطاء لما عرف عن الطيِّب من التواضع، ومن الأمورِ الجميلةِ الأخرى التي كانت محلَّ اهتمامِ الكاتب عبد العزيز الفارسي هي أنَّ الطيب صالح يمتلكُ مخزونًا ثقافيًّا كبيرًا، وكان يؤكد على ضرورة العودة للإرثِ والمنبع، وأعمالُ الروائي رغم قلَّتها فهي قويَّةٌ جدا وصالحةٌ لكلِّ زمان ومكان على اختلاف تذوق الشعوب وتعدد ثقافاتهم. ويستطيع الكاتب أن يتوقفَ عن الكتابةِ حينما يجد تقصير في العمل أي إنه لا يظهر إلا وقد استشف الكمال والجمالية البالغة فيما يكتب. أخيرا قرأ الدكتور الشحَّات في بعض أعمال الروائي الراحل وكانت قصة "سوزان وعلي"؛ ليختم الملتقى بقراءة لنصوص طلاب من الجامعة؛ مشيدًا على أهمية هذا الملتقى، ومؤكدا على ضرورة حصدِ ثمار هذه النَّخلة الطيبة.