مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي

تعود بنا ذاكرة مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي إلى الثامن من يناير 2020م، يوم نظم المركز زيارة إلى متحف مدحاء بمدينة مدحاء بمحافظة مسندم؛ إذ التقى الدكتور سليمان بن سالم الحسيني -باحث في المركز- بالأستاذ محمد بن سالم المدحاني -مدير المتحف ومؤسسه- واطلع على أقسام المتحف وتعرف على تاريخ تأسيسه ومقتنياته وأهم مراحل تطوره؛ وذلك في إطار تبادل الزيارات مع المؤسسات البحثية والمتاحف ذات الاهتمام المشترك لدى الباحثين والمهتمين بالتراث الثقافي والفكري العماني.

تأسس متحف مدحاء في 1976م بجهود ذاتية واهتمام شخصي بالتراث العماني والإنساني؛ التي تجسدت في توجّهات مؤسسة الأستاذ محمد بن سالم المدحاني في حفظ التراث وصونه والتعريف به، وإتاحته لأجيال المستقبل. وقد كرّم صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد، طيب الله ثراه، مؤسس المتحف في احتفالات السلطنة بالعيد الوطني الرابع والعشرين (عام التراث) عام 1994م في مدينة نزوى؛ تقديرا لجهوده في حفظ المخطوطات.

وينقسم المتحف إلى مبنيين: الأول يقع في الحارة القديمة بمدينة مدحاء، المكان الذي تأسس فيه المتحف في سبعينيات القرن الماضي. أما المبنى الثاني فيقع في مركز المدينة بقرب مركز الوالي وجامع السلطان قابوس والمؤسسات الخدمية الحديثة الأخرى،علما أنه افتتح عام 2018م. ويضم متحف مدحاء مجموعة متحفية متنوعة تجمع بين الأثرية والتراثية، التي يعود أقدمها إلى الألف الثالث قبل الميلاد. وتقدم أقسام المتحف معروضات مختلفة تبرز ملامح من التاريخ العماني واتصاله الوثيق بالحضارات الإغريقية والرومانية والساسانية والحضارة الإسلامية. وتتوزع مقتنيات المتحف في خمسة أقسام، هي:

1.     قسم الآثار، الذي يضم مجموعة من الأواني الفخارية والأدوات النحاسية وقطع من الحجر الصابوني وغيرها.

2.     قسم التراث الشعبي، ويحتوي على الأثاث القديم للبيوت التقليدية، وأدوات المطبخ وأواني الفخار والحلي النسائية.

3.     قسم النقوش الصخرية والأحافير، ويعرض عددا كبيرا من الصخور التي نقشت عليها الأحداث والوقائع المهمة على فترات زمنية مختلفة، ووثقت أسلوب المعيشة وطرق التجارة والترحال والتواصل الحضاري.

4.     قسم الأسلحة، ويحتوي على أنواع عدة من الأسلحة التقليدية مثل البنادق والسيوف والسكاكين والفؤوس والسهام والرماح والمدافع القديمة.

5.     قسم المخطوطات والوثائق، ويضم مجموعة من المخطوطات والوثائق من القرآن الكريم وعلومه والحديث وأصول الدين والفقه ومخطوطات في النحو والأدب والفلك والتاريخ وعلوم البحار.

وقد حظي متحف مدحاء باهتمام الجهات المعنية بالتراث والمخطوطات، لا سيما وزارت التراث والثقافة التي أشرفت على إنشاء المبنى الجديد للمتحف، وزودته بما يحتاج إليه المتحف المعاصر من أدوات وأجهزة. ونظرا لأهمية المتحف في التعريف بالتراث العماني والإنساني وحفظه وصونه، وما لمدينة مدحاء من أهمية استراتيجية؛ كونها مدينة حدودية تستقطب الزوار من خارج السلطنة وداخلها؛ فإنه من المهم للغاية إعطاء المتحف مزيدا من العناية والاهتمام ليقوم بأدواره الثقافية والحضارية، ليكون نافذة تطل منها الإنسانية إلى تاريخها الماضي العريق.