|   27 سبتمبر 2024م
السابقالتالي


         في إطار تنفيذ مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدّراسات العربيّة في الجامعة لرسالته المتمثّلة في دعم البحث العلميّ في مجال الدّراسات العربيّة بمختلف فروعها العلميّة؛ ما اتّصل منها باللّغة والأدب والنّقد والحضارة العربيّة،وعمله على الحثّ على البحث وتيسير أسبابه وتنشيطه والارتقاء به إلى أعلى درجات التّميّز الّتي تؤهّل الباحث العربي في مختلف مستويات المعرفة للمساهمة في بناء الفكر العالمي الحديث بما يضمن الحضور في عالم المعرفة ويتيح له إمكانيّة التّعبير عن خصوصيّة الثّقافة العربيّة على المستويّينمركز الخليل بن أحمد للدّراسات العربيّة يتبنّى نشر عددٍ من الكتب التّاريخيّة والأدبيّة في معرض مسقط للكتاب القادم المنهجي والمعرفي؛ يسعى المركز حثيثًا إلى تبنّي العديد من المؤلّفات والأبحاث العلميّة لعددٍ من المتخصّصين والأساتذة والأكاديميّين. وقد دأب منذ تأسيسه على إصدار عددٍ من الكتب والمؤلّفات، كان من بينها كتاب "أعمال ندوة القراءة وإشكاليّة المنهج" الّتي نظّمها المركز عام 2010م، وكتاب "فنّ الرّثاء عند شاعرات الجاهليّة" للدّكتور خميس الصّباري –محاضر في قسم اللُّغة العربيّة بالجامعة-، و"استشراف التّجربة العُمانيّة في جوادر" للدّكتور خالد البلوشي. ولعلّ من أبرز إصدارات المركز الحديثة، والّتي ستنشر في معرض مسقط الدّولي للكتاب آواخر هذا الشّهر -بإذن الله-، كتاب "الحملات التّنصيريّة إلى عُمان والعلاقة المعاصرة بين النّصرانيّة والإسلام" للدّكتور سليمان بن سالم الحسيني -الباحث المتفرّغ بمركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدّراسات العربيّة بجامعة نزوى-.

          وحول الكتاب يقول الدّكتور محمّد بن ناصر المحروقي –مدير مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدّراسات العربيّة-: يمثِّل كتاب "الحملات التّنصيريّة إلى عُمان والعَلاقة المعاصرة بين النّصرانيَّة والإسلام"، للدّكتور سليمان بن سالم الحسيني، الباحث المتفرّغ بمركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدّراسات العربيّة بجامعة نزوى، عملًا استثنائيًّا من حيث الجهد الكبير الّذي بذله الباحث في العودة إلى مضانّ موضوعه واستقصائها وعرضها بطريقةٍ تجذب القارئ وتلتزم الموضوعيّة والدّقة. وفي هذه الزّاوية، عزيزي القارئ أقدِّم إليك الكلمات البسيطة الّتي كتبتها في حقّ هذا الكتاب، والّتي ستنشر مع الكتاب. 

         "يملأ هذا الكتاب فراغًا كبيرًا في المكتبة العربيّة فيما يتعلّق بالحملات التّنصيريّة في عُمان والجزيرة العربيّة. وهو موضوعٌ يتّسم بالجرأة في الطّرح، ممّا يتهيّبه الباحثون التّقليديُّون المتعاطون لليوميّ والسّائد والمألوف. هذه الجرأة جنَت على الكتاب غيابًا عن المشهد الرّسميّ في عُمان مدَّةً قاربت العشر سنوات منذ صدور الطّبعة الأولى؛ كان الكتاب خلالها ممنوعًا من التّداول. وإن كانت الحقيقة أنَّ الكتاب لم يغب عن المثقَّف العُماني الّذي فتّش عليه وتلقَّفه من معارض الكتب بالخارج ومن خلال الحصول على نسخةٍ الكترونيّةٍ في الشّبكة العنكبوتيّة؛ وذلك ما خلق للكتاب متعةً إضافيّةً هي متعة التّحدّي. لقد آلم ذلك المنع الدّكتور سليمان الحسيني، وصبر وصابر واجتهد لرفع ذلك المنع حتّى تمّ له ما أراد بفضل الله -عزّ وجلّ- ودعم المخلصين من المثقّفين والمسؤولين.

          وكما هو فريدٌ في مجاله، نجد الكتاب فريدًا في منهجه الموضوعي؛ إذ اعتمد على مصادر أوليَّة كتبها المنصِّرون أنفسهم إلى الهيئات المرجعيّة النّصرانيّة، أو كتبوها على شكل مذكراتٍ ويوميّاتٍ لمجريات حياتهم التّفصيليّة في مناطق نشاطهم. لذا تغصّ كتاباتهم بمعلوماتٍ ثريّةٍ عن طوبوغرافيا الأرض وطبيعة البشر وميزان القوى الدّاخليّة والإقليميّة والنّظام القبلي والتّاريخ واللّغة وغير ذلك. تلك الكتابات ملْآ بالمعلومات المختلفة، وملْآ بالمواقف والاجتهادات الذّاتيّة. واقتضى منهج الباحث أن يستنطق تلك الوثائق لتبوح بمعلوماتها، ثمّ قام بضمّ المعلومات المتعالقة بعضها إلى بعضٍ حتّى استقام الكتاب أبوابًا وفصولًا. ولكثرة اعتماده على تلك المصادر الأوليّة تمدّدت فصول الكتاب حتّى لكأنّه جمعٌ وترجمةٌ لكلّ ما قاله أولئك المنصّرون. وهذه فائدةٌ مضافةٌ أخرى من فوائد الكتاب تتمثّل في توفير هذا الكمّ الهائل من المعلومات للباحثين القادمين.

         وقد كشف الكتاب غفلة المنصّرين الّذين زعموا أنّ عُمان بيئةٌ مناسبةٌ للتّنصير، وتنادوا بذلك. غير أنّ مجهوداتهم طيلة الفترة الواقعة بين أواخر القرن التّاسع عشر حتّى منتصف القرن العشرين آبت بالفشل الذّريع؛ إذ لم تنجح كلّ تلك الجهود الضّخمة في تنصير عُمانيّ واحد! ويُبرز الكتاب قيمةً أصيلةً في طبع الإنسان العُماني. تلك القيمة ناتجةٌ عن طول تعامله مع الآخر واستعداده النّفسي، وهي قيمة "التّسامح". ففي الغالب كان القضاة والشّيوخ يستقبلون المنصّرين ويكرمون وفادتهم، ويهيّئون لهم سبل الالتقاء بالنّاس، ويناقشونهم بالحسنى، والنّاس أمناء على دينهم، لا خوف عليهم من المنصّرين، ولا هم يحزنون.

        تأتي هذه الطّبعة الثّانية مزيدةً ومنقّحةً مضافًا إليها فصلٌ كاملٌ عن حركة التّنصير في زنجبار بحسبانها جزءًا من الإمبراطوريّة العُمانية الآفروأسيويّة. كما أضاف المؤلّف ملحقًا بالصّور الّتي تحصّل عليها من زنجبار ومضانّ المعرفة الأخرى. ويتشرّف مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدّراسات العربيّة في جامعة نزوى بطبع هذا الكتاب ونشره تحقيقًا لدوره العلمي المنوط به، واحتفاءً بذكرى مرور عشر سنوات على إنشاء هذا الجامعة الوثّابة نحو العطاء المتميّز. ولا تفوتني الإشارة أيّها القارئ الكريم إلى أنّ الكتاب سيكون متوفّرًا إن شاء الله في معرض مسقط القادم 2014م ، عبر مكتبة مسقط. أتمنّى لك قراءةً ماتعةً ومفيدة.