السابق | رجوع | الرئيسة | التالي |
كتبت- عائشة بنت خلفان الوهيبيَّة:
في إطار مواصلة مركز الإرشاد الطُّلابي لنشاطه الإرشاديّ المعهود في الجامعة، انتهز مرور طلاب الجامعة بفترة الامتحانات؛ فانتقى لهم الموضوع المناسب لهذه الفترة، والَّذي يلبِّي احتياجاتهم، فقدَّم لهم محاضرة بعنوان "انتباهك الفعَّال أثناء محاضرتك ومذاكرتك شريكٌ حقيقيٌّ لنجاحك وتميُّزك"، قدَّمها الدُّكتور أمجد محمَّد هياجنة – مدير مركز الإرشاد الطُّلابي وأستاذ الإرشاد النَّفسي بقسم التَّربية والدِّراسات الإنسانيَّة-، وذلك يوم الإثنين (3/ 12/ 2012م) بقاعة الشَّهباء بالجامعة.
وقد بدأ الدُّكتور أمجد هياجنة محاضرته بتعريف الانتباه بأنَّه عمليَّةٌ معرفيَّةٌ تنطوي على تركيز الإدراك على مثيرٍ معيَّنٍ من بين عدَّة مثيراتٍ من حولنا، وأوضح أنَّ ستيرنبرغ الَّذي يعدُّ أحد أشهر علماء علم النَّفس المعرفيّ قد أكَّد أنَّ الانتباه هو القدرة على التَّعامل مع كميَّاتٍ محدودةٍ من المعلومات منتقاةٍ من كمٍّ هائلٍ من المعلومات الَّتي تزوّدنا بها الحواس أو الذَّاكرة. كما ذكر أنَّ علماء النَّفس يشيرون إلى أنَّه عندما نركِّز طاقاتنا العقليَّة خلال أداء مهمَّةٍ ما، فإنَّ سلوكنا الَّذي يتبع ذلك يصبح تحت ضبطنا ووعينا الكامل؛ لأنَّنا نقرِّر شعوريًّا أيّ المثيرات نركّز عليها، وأيّ المثيرات نهملها، ثمّ بعد ذلك تطرَّق الدُّكتورهياجنة إلى خصائص الانتباه ووضَّح أنَّ الإنتباه الإراديّ الإنتقائيّ بشكلٍ خاصٍّ يحتاج إلى طاقةٍ وجهدٍ عقليٍّ وجسديٍّ عند أداء مهمَّاتٍ على درجةٍ من الصُّعوبة أو على نفس القناة الحسِّيَّة. كما أوضح أنَّ لكلِّ حاسةٍ قناةً حسيَّةً خاصَّة بها، وبذلك يمارس الطَّالب الانتباه خلال قنواتٍ حسيَّةٍ مختلفةٍ في الوقت نفسه، وأنَّ الطَّالب لا يستطيع أن ينقل أكثر من معلومةٍ واحدةٍ على القناة الحسيَّة الواحدة؛ ممَّا يؤكِّد صعوبة الانتباه لأكثر من مثيرٍ على القناة الحسيَّة الواحدة، مع ذلك يمكن للطَّالب أن يتابع أكثر من مهمَّةٍ في نفس الوقت من خلال الانتباه الموزَّع إلَّا أنَّ هذا الانتباه يكلّف الكثير من الجهد والطَّاقة، وقد يؤثِّر على فاعليَّة معالجة المعلومات.
كما شرح الدكتور أمجد هياجنة وظائف الانتباه المتمثِّلة في توجيه عمليَّات التَّعلُّم من خلال التَّركيز على المثيرات التي تسهم في ذلك، وعزل المثيرات التي تعيق عمليَّات التَّعلُّم والتَّذكُّر والإدراك -مشتِّتات الانتباه-، من خلال عدم التَّركيز عليها، وتوجيه الحواس نحو المثيرات الَّتي تخدم عمليَّة الإدراك، وذلك من خلال توجيه الانتباه بحركات الرَّأس والعينين والأذنين والأطراف إلى مصادر المثيرات البيئيَّة لضمان استمرار عمليَّة الإدراك، وبالتَّالي التَّعلُّم بفاعليَّةٍ عالية، وأنَّ الانتباه يعمل على تنظيم البيئة المحيطة للإنسان من خلال عدم السَّماح بتراكم المثيرات الحسيَّة على حاسَّةٍ واحدة، فالطالب لكي ينتبه أثناء المحاضرة عليه الإنصات لصوت المحاضر وإهمال بقيَّة الأصوات الأخرى سواء داخل قاعة المحاضرة أم خارجها. وتحدَّث الدُّكتور أمجد هياجنة بعد ذلك عن مراحل الانتباه، وقال بأنَّها مرحلة الكشف، ومرحلة التَّعرُّف، ومرحلة الاستجابة للمثير الحسي.
كما تحدَّث الدُّكتور أمجد هياجنة عن محدِّدات الانتباه –عوائق ومشتِّتات الانتباه– وذكر أنَّها المحدِّدات الحسِّيَّة العصبيَّة، وهي أنَّ أي خللٍ يصيب الحواس الخمس أو الجهاز العصبي بشكلٍ عامّ، والدِّماغ بشكلٍ خاصٍّ يمكن أن يؤثِّر على قدرة الطَّالب في التَّركيز على المثير، والمحدِّدات المتعلِّقة بالدَّافعيَّة، وهي أنَّه كلَّما زادت دافعية الطُّلاب لنوعٍ معيَّنٍ من المثيرات، سهُلت عمليَّة الانتباه لهذه المثيرات، وأصبح هذا الانتباه أقرب للانتباه التِّلقائي، والمحدِّدات الانفعاليَّة والشَّخصيَّة وهي أنَّ الطُّلاب الَّذين يعانون من إفراط الحساسيَّة للنَّقد والانطواء والاكتئاب والقلق الزَّائد يواجهون صعوباتٍ أكثر في تركيز الانتباه بسبب انشغالهم الانفعالي وتشتُّت طاقاتهم العقليَّة نتيجة هذه الاضطرابات. وتطرَّق الدُّكتور هياجنة أيضًا إلى العوامل المؤثِّرة في الانتباه، وهي عوامل خارجيَّةٌ وداخليَّة، فالخارجيَّة هي مجموعة العوامل الَّتي تتعلَّق بطبيعة المثير الحسيّ المراد الانتباه له، وتشمل شدَّة المثير، وحداثته، وتغيُّره، والعوامل الدَّاخلية هي مجموعة العوامل المتعلِّقة بالفرد الَّذي يمارس الانتباه، ومن أهمِّها الاهتمامات والميول والقيم، والحرمان النَّفسيّ والجسديّ، ومستوى الدَّافعيَّة، وسمات الشَّخصيَّة.
كما قام الدكتور أمجد هياجنة بشرح بعض الأفكار والإرشادات لتحسين الانتباه وزيادة فاعليَّته أثناء المحاضرات، والَّتي تمثَّلت في دعوة الطُّلاب إلى عدم التَّفكير بأيِّ شيءٍ ليس له علاقةٌ بالمحاضرة، وأن يجعل عينيه متَّصلتين مع المحاضر، وألَّا يتأمَّل -يفعل ذلك فيما بعد-، وألَّا يشتِّت تركيزه ولا يجعل ذهنه يشرد، وألَّا يستسلم إذا كان المحاضر سريعًا في الشَّرح، ويواصل الانتباه والتَّركيز، وأن يكتب ويدوّن قدر الإمكان، وأن يتذكَّر أن القليل أفضل من لا شيء، وأن يبدأ بتدوين المحاضرات على الفور من المحاضرة الأولى، وأن يتصفَّح مذكّرات المحاضرة السَّابقة قبل المحاضرة الحاليَّة؛ وذلك للمحافظة على التَّرابط والمتابعة. كما أشار الدُّكتور إلى أنَّه يمكن زيادة إتقان الانتباه أثناء المذاكرة عن طريق مراعاة إرشاداتٍ منها تخصيص مكانٍ للمذاكرة بعيدًا عن المشتِّتات قدر الإمكان، مكان هادئ إلى حدّ ما، وأنَّه عند الجلوس للقراءة من المستحسن الجلوس على كرسيّ؛ لأنَّ القراءة بأوضاع الاضطجاع أو النَّوم ليست بالعادة الحسنة؛ حيث إنَّها تجلب الاسترخاء ولا تنسجم مع طبيعة الدِّراسة، ونبَّه على ألا يكون على مكتب الدِّراسة إلا ما يراد دراسته؛ لأنَّ الأمور الأخرى تساعد على التَّشتُّت وعدم الانتباه عند الجلوس للقراءة، ونصح بأن يكون الذِّهن للدِّراسة فقط، ومحاولة عدم المناقشة في المكان المخصَّص للدِّراسة أي أفكار أخرى، ومحاولة الدِّراسة في مكانٍ جيِّد الإضاءة؛ لأنَّ الإضاءة الضَّعيفة تدفع إلى الانحناء ليقترب الرَّأس من الكتاب، وعمليَّة الانحناء هذه تجلب النّعاس، وكذلك توزيع الجهد في المذاكرة على فتراتٍ زمنيَّةٍ تتخلّلها فترات راحة.
وفي نهاية المحاضرة فتح الدُّكتور أمجد للطُّلاب باب الحوار والمناقشة؛ ليتمّ إثراء المحاضرة والتَّفاعل مع موضوعها. ثمّ بعد ذلك شكر الدُّكتورالطلاب لحضورهم الفعَّال متمنيًا لهم دوام التَّوفيق والنَّجاح.