السابق | رجوع | الرئيسة | التالي |
يواصل مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدراسات العربية نشر الكتب العلمية الرصينة ذات الاتصال المباشر بعمان. وفي معرض مسقط الدولي للكتاب لهذا العام يصدر للمركز في المجال التاريخي كتابان مهمان هما "مراسلات زعماء الإصلاح إلى سلطاني زنجبار"، للباحثين محمد المحروقي وسلطان الشهيمي، وكتاب"جوادر تحت السيادة العمانية 1913-1958م" للباحثة هدى بنت عبدالرحمن الزدجالية. ويصدر المركز كذلك كتاب "في القصيدة العمانية الحديثة" للدكتور خالد البلوشي في مجال النقد الأدبي، وبالأخص في مجال النقد الثقافي لقصيدة النثر في عمان. وفي مجال النقد أيضا يصدر كتاب "تحولات العماني الأخير" للباحثة باسمة الراجحية. وثمة كتاب خامس يصدر للمركز يضم في طياته "مجلة نبراس المشارقة والمغاربة" الذي أعتنى بها الباحث سلطان الشهيمي. وهنا سنقدم تلخيصا لكتاب "جوادر تحت السيادة العمانية"، وسيتم طرح باقي الكتب في أخبار لاحقة –بإذن الله-.
فما علاقة عمان بجوادر؟
جوادر كانت ولا تزال أحد الموانئ العربية فيما وراء البحر، والتي وقفت كشاهد عيان على ذلك الدور العربي الرائد في مناطق آسيا، وإفريقيا لفترة ناهزت ما يربو على قرن ونصف من الزمان، وتركت بصماتٍ واضحةٍ إلى يومنا هذا في مختلف النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وتكمن أهمية كتاب " جوادر تحت السيادة العمانية 1913-1958م" في تعلقه بجانب مهم من التاريخ العماني القريب، بناحيتيه السياسية، والاقتصادية، وعلى الرغم من تلك الأهمية إلا أن الموضوع لم يحظ بدراسة علمية مستقلة تشمل كافة جوانبه، إذ لم تكرس له دراسة منهجية واحدة، ولم يتم التطرق إليه بشكل موسع إلا فيما يتعلق بالجانب السياسي فقط، أما بقية الجوانب فلم تتطرق لها الدراسات السابقة إلا بأسطر قليلة، وبذا غدت الحاجة ملحة لدراسة الموضوع دراسة علمية مركزة، فجاء هذا الكتاب للتركيز على تلك الجوانب التي لم تحظ بالدراسة سابقا.
وقد اعتمد الكتاب على المنهج التاريخي المعروف بقواعده المحددة من استقصاء المعلومات، ونقدها، وتحليلها، والموازنة بينها من أجل رسم صورة قريبة عما وقع فعلاً في جوادر خلال الحكم العُماني، وينقسم الكتاب إلى مقدمة، وتمهيد، وثلاثة فصول، وخاتمة، حيث تناولت المقدمة أهمية الموضوع، والمنهج المتبع مع الوقوف على أهم الدراسات السابقة مبينة مواطن التباين بينها وبين هذه الرسالة التي تأتي مكملة لما سبقها، عملاً بمبدأ تكامل جهود الباحثين.
وقد جاء التمهيد ملقيا نظرة سريعة على تسمية المنطقة، واختلاف رسمها ونطقها بين اللغة العربية، واللاتينية، متحدثاً عن موقعها الاستراتيجي على بحر العرب، وطبيعتها الجغرافية، وملماً بأوضاعها السياسية، والإدارية، والاقتصادية، والاجتماعية.
وخصص الفصل الأول لتقصي طبيعة الإدارة العمانية للمنطقة، وعلاقتها بمركز السلطة العمانية في مسقط، كما استعرض أهم ولاة جوادر وانجازاتهم، وسير العمل في المؤسسات الإدارية، وأبرز ما حصل في هذا الجانب من تطورات، مع التركيز على الجانب الأمني، والتطرق إلى أهم المشكلات، والاضطرابات الأمنية، وكيفية معالجتها من قبل السلطة العُمانية.
أما الفصل الثاني فقد تم تخصيصه للحديث عن الجانب الاقتصادي، والاجتماعي، فتطرقت الباحثة لذكر أهم الأنشطة الاقتصادية، وأهم الصناعات التي تشتهر بها المنطقة، ثم ذكر التجارة بما فيها تجارة الأسلحة، والتعريف بأهم العملات المتداولة في تلك الفترة، ولا يغفل الفصل التطرق لموضوع الثروات المعدنية خاصة النفط، كما يلم الفصل بأهم المستجدات في الجوانب الاجتماعية في جوادر خلال مدة الدراسة.
ويعالج الفصل الثالث موضوع انتهاء السيادة العمانية على جوادر فيحلل أهم الظروف الدولية والإقليمية التي أدت إلى انتهاء تلك السيادة، ويتتبع هذا الفصل تطور مباحثات تسليم المنطقة إلى حكومة باكستان، وأهم المشاكل، والضغوطات الدولية، والإقليمية التي تعرض لها السلطان سعيد بن تيمور في تلك الحقبة، انتهاءً بالنتائج المترتبة على انتهاء السيادة العمانية في الإقليم على كلا الجانبين في 8 ديسمبر 1958م. يلي ذلك الخاتمة التي خصصت لذكر أهم النتائج التي تم استخلاصها من فصول الكتاب المختلفة.