السابقرجوعالرئيسةالتالي


مركز الخليل يشارك في ملتقى العلاَّمة امحمَّد بن يوسف اطفيَّش الجزائري "قطب الأئمَّة“ إسهاماته المعرفية وامتداداته في الجزائر والعالم.


كتب: مصطفى بن محمد شريفي

عن الملتقى الثاني حول القطب اطفيش:

نظَّمت كلية الآداب واللغات بجامعة غرداية (جنوب الجزائر)، وبمشاركة مخبر الجنوب الجزائري في التاريخ والحضارة الإسلامية، الملتقى الدولي الثاني، الموسوم بـ: «العلامة امحمَّد بن يوسف اطفيَّش الجزائري "قطب الأئمَّة" إسهاماته المعرفيَّة وامتداداته في الجزائر والعالم»، يومي الاثنين والثلاثاء 17-18 محرَّم 1436هـ/ 10-11 نوفمبر 2014م، وحضره علماء وباحثون من أكثر من عشرين جامعة وطنيَّة ودوليَّة. وهذا الملتقى الدولي الثاني نابع من توصيات الملتقى الوطني الأوَّل المنعقد في 25-26 أكتوبر 2011م.

وكان عدد المحاضرات التي تمَّ إلقاؤها 25 محاضرة، في خمس جلسات علميَّة، عدا الجلستين الافتتاحيَّة والختاميَّة. وحسب تصريح رئيس الملتقى د. يحيى بن يحيى، فإنَّ المشاركات الواردة إلى اللجنة العلمية بلغ عددها نحوا من ثمانين (80) مشاركة، وقُبل منها أكثر من أربعين (40)، وهي صالحة للنشر.


من أهداف الملتقى:

1- دفع الباحثين إلى مزيد من التنقيب في تراث الشيخ اطفيش الموسوعي، لإفادة الأجيال اللاحقة.

2- تجميع الطاقات البحثية الوطنية والدولية المشتغلة بتراث العلامة اطفيَّش، للتنسيق بينهم وتثمين جهودهم.

3- العمل على إبراز مناطق الظلِّ في تراث الشيخ وفكره، وتحقيق المزيد من مخطوطاته، ونشرها.

4- السعي لربط أواصر الصلة بين مخابر البحث والفرق والمراكز ذات الصلة، وطنيًّا ودوليًّا.

من توصيات الملتقى:

انبثقت عن الملتقى جملة من التوصيات، منها: إنشاء مؤسَّسة تحمل اسم العلاَّمة قطب الأئمَّة الشيخ اطفيَّش. وأن يكون الملتقى دوريا كل ثلاث سنوات. وتشجيع الباحثين على جمع تراث الشيخ وتحقيقه ودراسته في رسائلهم وأطروحاتهم الجامعية، وتوجيه وسائل الإعلام لإنجاز أعمال صحفية حول الشخصية.

أصداء من الملتقى:

- كان الحضور من الجمهور نوعيًّا ومكثَّفا، بالرغم من أن الحضور لا يكون إلاَّ بعد الحصول على دعوة موقعة من قبل رئيس الملتقى.

- تفاعل الحضور مع أغلب المحاضرات، من خلال الأسئلة الكثيرة الموجَّهة لأغلب المحاضرين.

- التنظيم كان جيِّدًا.

- التغطية الإعلامية كانت متنوعة، من داخل الوطن وخارجه (سلطنة عمان).

على هامش الملتقى:

تمَّ في الجلسة الختامية تكريم ثلاث شخصيات، هي: الدكتور مصطفى وينتن باعتباره من أوَّل الدارسين لتراث الشيخ، والمهتمُّ بالتراث المحلي الحاج نور الدين بامون، والبحَّاثة في التراث لاسيما المخطوط منه: محمَّد بن أيوب الحاج سعيد.

وأحيت بالمناسبة جمعية التثقيف الشعبي (المتطوِّعة في إحياء حفلات الأعراس ببني يزقن) بإقامة سهرة إنشاديَّة وأدبية قيِّمة على شرف المشاركين من الضيوف، في قاعة حفلات الأعراس بالبلدة، وكانت فيها قراءات شعريَّة، مزابيَّة وعُمانيَّة، وأناشيد شجيَّة، تخلَّلتها كلمات شكر وعرفان للمنظمين والمشاركين.

كلمات من الملتقى:

في الكلمة الافتتاحية التي ألقاها أ. د. يحيى بن يحيى (رئيس الملتقى) رحَّب بالحاضرين والمشاركين، لاسيما مَن قَدِمَ منهم من بعيد. وأشار إلى أن من أهداف هذه التظاهرة العلميَّة: العناية بتراث الأمَّة وخدمته، انطلاقا من مبدأ «المعرفة والتعارف والاعتراف». وأشاد بالمشاركين من مختلف الدول: عمان وتونس والعراق والإمارات والأردن ونيجيريا وألمانيا، والذين يمثلون أكثر من عشرين جامعة.

وفي سؤال موجَّه إلى بعض المشاركين من خارج وادي ميزاب عن سبب اهتمامهم بالقطب، أجابوا بأنَّ الشخصية المحتفى بها ليست مزابيَّة ولا إباضيَّة ولا جزائريَّة فقط، بل هي إسلاميَّة وعالميَّة. وأنَّ مثل هذا الملتقى قد صحَّح لهم كثيرا من الأفكار المسبقة.

نبذة عن الشيخ اطفيَّش المحتفى به:

هو امحمَّد بن يوسف بن عيسى اطفيَّش، الشهير بـ: «قطب الأئمَّة». وهو أشهر عالم إباضي بالمغرب الإسلامي في العصر الحديث. ولد بمدينة غرداية سنة 1237هـ/1821م.

نبغ بعصاميَّته في شتَّى العلوم، وجلس للتدريس  منذ صغر سنِّه، تخرَّج على يديه العشرات من العلماء والمصلحين الاجتماعيِّين والسياسيِّين من الجزائر وخارجه. وواجه الاستعمار الفرنسي بقلمه ومواقفه الجريئة.

ترك تآليف كثيرة، في مختلف فنون المعرفة، كالتفسير وعلوم القرآن، والحديث، والعقيدة وعلم الكلام، وأصول الفقه، والفقه، والتاريخ، والنحو واللغة والبلاغة والعروض، والمنطق، والطبِّ والفلك، منها: «تيسير التفسير»، و«هميان الزاد إلى دار الميعاد»، «جامع الشمل في أحاديث خاتم الرسل»، و«وفاء الضمانة بأداء الأمانة»، «شرح أصول تبغورين»، و«شرح عقيدة التوحيد»، «فتح الله: شرح شرح مختصر العدل والإنصاف»، و«شرح النيل»، و«الذهب الخالص»، و«شامل الأصل والفرع»، و«شرح الدعائم»، و«الكافي في التصريف»، و«كشف الكرب»، وغيرها كثيرة...

توفي ببني يزجن، يوم السبت 24 ربيع الثاني 1332هـ/21 مارس 1914م.

مشاركة مركز الخليل الفراهيدي في الملتقى:

في إطار تجسيد أهداف جامعة نزوى، ومنها: تفعيل التواصل بين الجامعة والمؤسَّسات العلميَّة داخل الوطن وخارجه، فقد كانت مشاركة مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدراسات العربية (جامعة نزوى) ممثَّلة في باحثيْن هما:

1- الدكتور سليمان بن سالم الحسيني (مدير معهد التأسيس بالجامعة سابقا، وباحث متفرغ بالمركز حاليا). وقدَّم للملتقى ورقة بحثيَّة قيِّمة، بذل فيها جهودًا مشكورة، وهي موسومة بـ: «مراسلات قطب الأئمَّة الشيخ امحمَّد بن يوسف اطفيَّش إلى السلاطين العمانيِّين في زنجبار»، وتمَّت برمجتها، ولكن - مع كلِّ أسف - تعذَّر سفره إلى الجزائر، بسبب بعض الإجراءات الإدارية بين البلدين.

2- الأستاذ مصطفى بن محمد شريفي، الباحث في المركز المذكور، مشروع المخطوطات العمانيَّة والمغاربيَّة. وقد شارك بمداخلة بعنوان: «موقف القطب من المخالف في المسائل الكلاميَّة من خلال ”كشف الكرب“».


نبذة عن مداخلة مصطفى شريفي:

بعد مقدِّمة أشار فيها إلى أنَّ المشاركة في الملتقى جسرٌ للتواصل بين جامعة نزوى بصفة عامة، ومركز الخليل الفراهيدي بصفة خاصة، وبين جامعة غرداية. وقدَّم عذر فضيلة الباحث الدكتور سليمان الحسيني الذي حالت الإجراءات الإدارية دون مشاركته.

تضمَّنت المداخلة ما يأتي:

1- ترجمة موجزة عن القطب امحمَّد بن يوسف اطفيَّش.

2- نبذة عن كتاب «كَشْف الكَرْب».

3- مواقف القطب الإيجابيَّة تجاه المخالفين، وتجلَّى ذلك بوضوح في اهتمامه البالغ بأمور المسلمين مهما كانت مذاهبهم، ودعوته إلى الأخذ بأقوال المخالفين في الفروع، مع الإشادة بكتبهم، والبرهنة على ضرورة أخذ الروايات وسائر العلوم منها.

4- كان موقف القطب من المسائل الكلاميَّة موقفا وسطا، إذ رأى أنَّ إيمان المرء تامٌّ ولو لم يعرفها؛ إذ لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلَّم ولا الصحابة الكرام يدعون الناس إليها.

5- تميَّز القطب اطفيَّش بمعيار خاصٍّ في التفريق في المسائل الكلاميَّة بين الأصول التي لا يعذر فيها المخالف - في نظره - ، وبين الفروع التي يُعذر فيها، وهذا المعيار هو مدى علاقة المسألة بالألوهيَّة، وقد توصَّل - وفق هذا المعيار - إلى نتائج خالف فيها المشهور لدى الإباضية. وبعد دراسة هذا المعيار من خلال كتاب «كشف الكرب»، تبيَّن أنَّه غير مطَّرد، ويحتاج إلى مزيد دراسة وتمحيص من قِبل الباحثين.

في الأخير نأمل أن تستمر وتتكثَّف الفعاليات العلمية والثقافية بين عُمان والجزائر، من أجل مواصلة المسيرة الحضارية للبلدين، وتمتين الروابط العريقة والعميقة بين الشعبين الشقيقين.




© 2024 جامعة نزوى